رواية 1919 لأحمد مراد الجزء الأول

 

رواية 1919
لأحمد مراد

تدور أحداث الرواية في فترة الثمانينيات من القرن الماضي، إبّان الإحتلال البريطاني لمصر،  الذي ظهرت أولى ملامحه في عهد الخديوي "توفيق"،  بقصف مدينة الإسكندرية عام 1882م   مما أدى إلى قيام الثورة المصرية أو كما تسمى(هوجه)، بقيادة أحمد عرابي، ولكن لم يلبث الإنجليز إلا أن يبسطوا سيطرتهم على مصر، بمساعدة السلطان الحريص على تثبيت عرشه، ليتم نفي عرابي إلى جزيرة سيلان، وإعدام عدد من الضبّاط المصريين.
تقوم الرواية على شخصيتين رئيسيتين، وهما: عبد القادر الجن وأحمد كيره، اللذان يظهران للوهلة الأولى على أنهما بائعي متعة، متصالحين مع سطوة الإحتلال التي يتقربان منها لتحقيق مصالح وعوائد مادية مجزية، تتصاعد الأحداث لتكشف عن عكس ذلك تماماً، ويتضح أن أحمد كيره يستدرج الضباظ الإنجليز بتلك الطريقة لتصفيتهم والثأر لوطنه وروح والده الضابط عبد الحي كيره الذي اعدمته قوات الإحتلال فور القبض عليه، كان عبد الحي كيره صديقاً لسعد زغلول أيام نضاله الثوري، قبل أن ينخرط الأخير بالسياسة ويمارس الدبلوماسية مع الإحتلال، ويكافئ بتقلد المناصب الوزارية، ولكنه لم يلبث أن عاود إلى أصوله الثورية ثانية، ضارباً بكل تلك المناصب عرض الحائط، إلا أن الأمر وصل إلى اعتقاله، الذي أشعل فتيل المظاهرات في الشارع المصري، وتصدي الجيش الإنجليزي لها، فنشب عن ذلك اشتباكات، ندّت عن كثير من القتلى والجرحى، وأصحاب الفقد والكُلوم، من امثال عبد القادر الجن، الذي فقد والده "الفتوة شحاته الجن" ذي النبوت الذي اهاله على رؤوس واجساد الإنجليز في مظاهرة السيدة، وانتهى الأمر بإطلاق سيل من الرصاصات عليه على يد ضابط يدعى"آرثر"، صنع هذا تشابه بالدوافع التي جمعت كيره والجن لبدء رحلة الحرب والانتقام المشترك، فلقائهما الأول كان بمنزل سعد، حيث كانت جثة الفتوة "الجن" مسجاة في حديقة المنزل وكان أحمد كيره يحضر ذلك، حين دخل عبد القادر الجن مستعراً يضرب ويصيح بكل من يعترضه عن إيجاد جثة والده التي وصله خبرها للتو، حاول كيره حينها تهدءته وصنع تحالف موحد الهدف بينهما، الا وهو قتل ومحاربة الإنجليز، إلا أن لحظتها كان الغضب والاندفاع هو ما يعمي عينين الجن، فلم يستجب له، وفكرة الإنتقام كانت تسيطر عليه، ليذهب ويدهس بعض الإنجليز بسيارته، ويكمل طريقه ليهاجم المعسكر الإنجليزي باكمله، إلا أن هجومه لقي تصدياً عنيفاً من طرف الإنجليز، فاصابت طلقاتهم سيارته لتنقلب وترديه جريحاً بعدها، ويتم اسعافه بالمعسكر الإنجليزي، ظناً منهم أنه أتى هارباً من أهالي الحي الذين يعدوه خائناً، تظهر بعد ذلك شخصية ياسين، شاب في مقتبل العمر، اجبرته السلطة على الذهاب هو وسبعة عشر شاب اخرين من البلد للعمل سخرة، في حفر الآبار وإصلاح سكك الحديد، وهاهي اليوم أمه تنتظره متلهفة أمام القطار القادم للبلد، ليأتي ولكن على غير الهيئة والقلب الذين ذهب بهما، مهموم واجم، مرتعش الطرف، مطفأ القلب.
تزامنت عودة ياسين مع اشتعال لهيب المظاهرات، والتصعيد والقمع من الجانب البريطاني على هذه الاحتجاجات، التي وصلت لضرب وقتل إعتقال إعداد مهولة من المتظاهرين، إلا أن الأمر لم يكن ذي أهمية بالنسبة لياسين على عكس شقيقته دولت التي خرجت للمظاهرات جنباً إلى جنب مع صفيه هانم زوجة سعد زغلول ونخبة من سيدات المجتمع، في سابقة فريدة من نوعها، فكانت تلك المرّة الأولى التي تشارك فيها نساء مصر في المظاهرات كاشفات وجوههن، ثم اتجهت دولت لطباعة وتوزيع المنشورات على المستشفيات والمدارس، ولكن هذا لم يكن حال ياسين الذي ظل مكانه لم يحرك ساكناً، بالرغم من وصول الضرب والقتل السافر، إلى أهالي بلدته وعلى مسمع أذنيه، في الأثناء التي بدأ بها أحمد كيرة بحياكة مخططه الانتقامي، بصنع قنبلة كيميائية، في الوقت الذي اعترضه فيه عبد الرحمن فهمي، أحد رجال سعد زغلول الذي سبق وطلب منه كيره التعاون معه لقتل الإنجليز، ولكنه رفض، ليظهر اليوم ويوكل لكيره مهمة خاصة، المهمة كانت بالتواصل مع سعد باشا زغلول الذي نُفي في مالطا، اقترج كيرة أن يتم إستخدام "مية البصل" لإخفاء الكلمات التي يتراسلون بها، من خلال ارسال كتب ومجلات لسعد تحتوي على تلك الرموز المشفرة، تم أخذ الأذن من سعد زغلول بهذه الطريقة للتصعيد من خلال عمليات فدائية فردية، بإستخدام قنبلة يدوية الصنع، كانت أولى تلك الأسماء المطروحة للاغتيال، "الكولونيل تريفور" ذاته الذي قتل شحاته الجن والد عبد القادر الجن، والذي أعترض عملية الاغتيال المتفق عليها، بمرشاشه الهوائي الذي أنهى فيه حياة الكولونيل، ليهم بعد ذلك الجن وكيره ورجل آخر كان الاخيران من المفترض بهما تنفيذ هذه العملية بشكل سري، فكانت تلك المرّة الأولى التي يجري فيها حوار بين الهاربين الثلاثة للتعرف على سر تلك المصادفة الغريبة التي حدثت!!


تعليقات

المشاركات الشائعة