مونولوج عازف البيانو في المحيط 1900



 إسم الكتاب: مونولوج عازف البيانو في المحيط 1900
المؤلف: ألِساندرو باريكُّو
ترجمه عن الإيطالية: معاوية عبد المجيد
عدد الصفحات: 62
نشر: المتوسط
يتحدث ألِساندرو باريكو في بادئ العمل عن موضوع انتظار الشيء، إن أول شخص صاح أمريكا مشيراً إليها ، قد يكون ليس هو بالفعل أول شخص رآها على تلك السفينة، ولكنه بالتأكيد أكثر شخص أنتظر رؤيتها، وأكثرهم تشوقاً للوصول إليها، " في عيون الناس ما سيرون، لا ما رأوا ".
بهذا بدأ باريكو القصة من على متن سفينة فيرجينيا الضخمة، سفينة تحمل آلاف المسافرين من مختلف الطبقات، أغنياء ومترفين وحتى مهاجرين، يروي القصة عازف البوق (ماكس توني) وهو صديق للبطل(1900) أو داني ت.د ليمون ألف وتسعمائة، كما أُطلق عليه، قبل ليلة الوصول إلى أمريكا، اعتاد بعض المهاجرين على حياكة ملابس لهم، من ستائر وأغطية السفينة، بدلاً من ملابسهم الرثة الرديئة، وكان منهم من يترك طفله الرضيع في غرفة الطبقة الأولى، املاً في أن يحظى بحياة أفضل، وكان هذا ما حدث مع (ت.د ليمون 1900)، فقد وجده بحار زنجي يعمل على متن الفيرجينيا، يدعى داني، كان الطفل موضوعاً في صندوق على بيانو في غرفة الطبقة الأولى، كُتب على الصندوق (ت.د ليمون)، أحب داني الطفل كثيراً، وأعتبر أن الحياة وهبته ابناً، وقرر أن يسميه (داني بودمان ت.د ليمون 1900)، وظلت الحياة جميلة إلى أن تعرضت السفينة لإعصار قوي، أدى إلى تأرجح بكرات السفينة، وسقوطها لتدخل في ظهر داني، الذي جلس يحتضر لمدة 3 أيام، بقي فيها( 1900) الذي كان يبلغ عندها 8 أعوام جانبه، يقرأ له أسماء خيول السباق كما كان يحب، إلى أن فارق الحياة، وغُطي بشراع، ودُفن في المحيط، 1900 كان لم تطأ قدماه اليابسة قط، وليس له وجود في هذا العالم، ليس له إسم في السجلات، فبالنسبة للقانون هو لم يولد، وهذا ما لم يرق للبعض، فقرروا في يوم تسليمه للسلطات، لكنه هرب، واختبئ في مكان ما في السفينة، لم يظهر بعدها إلا وهم بداخل المحيط، وكان يبدو أنه قد تعلم العزف، إذ وجدوه يعزف على البيانو، وحضر جميع ركاب السفينة لمشاهدة ذلك المنظر الغريب والفريد من نوعه، ننتقل بعد ذلك إلى مشهد العاصفة، ففي إحدى الليالي، وحينما كانت السفينة تتأرجح من جرّاء العاصفة، وجد 1900 عازف البوق تائها في إحدى كبائن السفينة، وهو يترنح كما تريد الأمواج، فأشار له 1900 بأن يتبعه، ليذهبا إلى صالة الرقص، وجلسا معاً خلف البيانو، وطلب 1900 من ماكس أن يرفع مكابح البيانو ولا يخف، فرفعها بعد تردد شديد، وحدث أجمل مشهد رقص يمكن لأحد أن يتصوره، كان 1900 يعزف على البيانو، وصديقنا الآخر يجلس فوقه، والأمواج تحركهم بحركات رقص، تقودها الأمواج على موسيقى بيانو يقودها 1900، ثم اهتاج الموج وضرب البيانو وحدث تكسير في الصالة، أدى إلى قدوم المسؤول، ومعاقبتهم بالعمل لتسديد ما تم كسره، ومن هنا نشأت علاقة صداقة قوية بين 1900 وعازف البوق، استمرت لسنوات، كان ماكس فيها يحاول إقناع 1900 بالنزول ورؤية العالم، وكان يقول له بأنه لو نزل من هذه السفينة سيصبح أشهر عازف بيانو في العالم، ولكن كان 1900 يرفض دائماً، وكان له فلسفته الخاصة في ذلك، وفي يوم من الأيام قرر النزول ولكنه عندما وصل آخر سلمة للسفينة رأى شيئاً دفعة للتراجع عن قراره، رأى شيئاً اخافه جداً، وهو عدم نهائية الأرض، أو بالمجمل الحياة التي نعيشها، تعدد كل شيء، الطرق، الأشخاص، الأماكن، لم يعتد على هذا الكم من التعدد واللانهائية في الاختيار، وقارنها بمفاتيح البيانو ال88، يقول نحن لدينا 88 مفتاحاً على البيانو، ونستطيع من خلالها عزف موسيقى لا متناهية، فأنت بهذا لانهائي، أما الأرض، فليست تسير بمثل هذه المعادلة، ويخلص من هذه المقارنة إلى توصيفه بأن الحياة هي بيانو الرب، يناقش باريكو قضية أراها هامة هنا وهي قوة ما لم يحدث تكمن في عدم حدوثه، بقوة تخيلك اللامحدودة له، قوة قصة باريكو ايضاً تكمن في غرابتها، وإمكانية إسقاطها على مناحي مختلفة من حياة الأشخاص، عاطفة باريكو لم تتجرد منها، رغماً من وجود المعنى الفلسفي القوي فيها، خطر في بالي اسقاط كلماته تلك على اللغة فمثلاً حروف قليلة (28) حرف، تصنع كلمات لا نهائية وجمل لا نهائية وقصص لا نهائية.
من أجمل اقتباسات العمل: 
"كنا نعزف كي لا يشعر الناس بمرور الوقت، وكي ينسوا أين كانوا، ومن يكونون".
"لا تحل عليك اللعنة ما دمت تحظى بقصة حياة فريدة، وأحد ما ترويها على مسامعه".


تعليقات

المشاركات الشائعة