مسرحية سليمان الحكيم لتوفيق الحكيم

 
إسم الكتاب: سليمان الحكيم
المؤلف: توفيق الحكيم
النوع: مسرحيات
نشر: دار الشروق
عدد الصفحات: 128

 

في هذه المسرحية المقسمة الى سبعة مناظر، يعود بنا الحكيم إلى زمن النبي سليمان، ويضعنا في أجواءِ ذلك العصر بلغتهِ التي تتلون وتأخذ طابع الحدث دائماً، قصة النبي سليمان ومُلكُه العظيم، وملكة سبأ التي دعاها لعرض أمرها عليه، بعدما أخبره الهدهد عن ملكةٍ تحكم سبأ، الحكاية بدأت عندما رمى صياد شبكته من على شاطئ صنعاء وجذبها وأخرج منها ذلك القمقم النحاسي، فما إن تفحصه وعالجه بيديه حتى تصاعد منه دخان أسود كثيف، وتمثل له ذلك العفريت المخيف، وعلى غير عادة العفاريت لم يسل الصياد عن امنياته ليحققها، ولا عن مطالبه ليدققها، وإنما طلب حياته ليزهقها، لعهد قطعه على نفسه أن من سيخرجه بعد ما ياس من كل تلك السنوات، لن يكن جزاءه إلا ازهاق حياته، فطلب العفريت من الصياد الطريقة التي يفضل أن يموت بها، وفي أثناء حديثهما وإذا بسليمان وجنوده يقبلون، باحثين عن الهدهد ،  فارتعد الجني لقدوم سليمان وقص حكايته على الصياد، وطلب منه خدمة إن شاء يشتري بها حياته، وفي المقابل ينجو هو من غضب سليمان الذي حبسه بهذا القمقم لعصيانه له، فماذا فعل الصياد لإقناع سليمان بالصفح عن هذا العفريت؟  وماذا اشترط سليمان لذلك ؟ وما علاقة هذا العفريت (داهش) بعرش الملكة "بلقيس" ؟ وكيف أن بسببه اغوى سليمان في لحظة من اللحظات ؟ ما هي رمزية هذا الجني؟ وما الأمور التي استطاع هذا الجني فعلها لسليمان في محاولاته لنيل إعجاب بلقيس المتيمة بأسيرها ذي القلب المتحجر؟ يستعرض الحكيم ايضاً قصة حب بلقيس لأسيرها منذر الذي لم يكن يفكر سوى في الإنتقام لأهله وقبيلته التي فتكت بهم بلقيس خلال الحرب، كيف جرت الأمور بعد ذلك؟ وهل ظفر سليمان فعلاً بقلب الملكة المملوك لأسيرها، وهل من السهل أن نملك قلباً ليس لنا، وهل من الحكمة أصلا محاولة امتلاكه؟
  صنع الحكيم عملاً مسرحياً من قصة النبي سليمان وملكة سبأ "بلقيس" ، فكيف رسم هذه الشخصيات؟ وكيف كانت تتحدث ؟ كيف استطاع الحكيم أن يحول ذلك القصص القرآني والتوراتي إلى عمل فني مسرحي؟ هل وفق في ذلك؟ هل نقل القصة كما هي أم أن خياله منعه من ذلك؟ هل من الممكن إلباس الدين صبغة فنية؟ هل من الممكن أن نعتبر الدين فن سماوي علوي؟ أم أنه أصدق من أن يدخل في تركيبه البهرج والتزويق ؟ وأن الدين يكمن في الإحساس القلبي بالسعي للخير والندم عند التعثر بالخطيئة،  والعودة هي الأهم دائماً.
يتطرق الحكيم إلى موضوع الحكمة التي تكون القدرة والسلطان أكبر عدو لها، وأن الحكمة والتمييز والبصيرة إنما تتفتح من الأخطاء والزلات، أقتبس لكم: " يجب أن تكون فينا زهرة لم ترو، وجوع لم يشبع، ورغبة لم تنل، وصيحة لم تسمع.. بهذا نستطيع أن نكون جديرين حقاً بالحكمة والتمييز، خليقين بفهم القلب الإنساني ومخاطبته، قديرين على أن نحمل إليه العزاء، ورسالات السماء...".
تنتهي المسرحية بموت سليمان وانفلات مملكة الجن والإنس، الذي نعيش تبعات اغوائهم لنا إلى يومنا هذا، ويبقى السؤال الذي نطرحه كل يوم على أنفسنا، إلى من ستكون الغلبة في النهاية، لورثة الحكمة ممن ساروا على نهج سليمان أم لإغواء سلان إبليس؟
كل ذلك يقصّه لنا الحكيم بتلك المسرحية الثرية والمثيرة.

تعليقات

المشاركات الشائعة