الكتابة وانصاف الحقائق


 الأشياء تتحرك، الأبواب تفتح ثم تغلق، الرياح تهب وتسكن، أستطيع أن أشعر بذلك، الأشخاص أيضا يتحدثون، دائما يتحدثون، هل لهذا أصوات؟  ذلك الهدوء الخارجي لم ينسجم مع تلك الرؤوس المهتزة والملامح المحتده والأفواه المتقافزة بالكلام، حتى عقارب الساعة الخرساء، كانت تسير دون توقف وتسير معها عجلة الزمن الذي لفظني خارجه منذ قدومي لهذا  العالم.
ولكن  دونا عن كل تلك الأصوات، صوت واحد هو ماكان يؤرقني دائما، هو صوت العقل... فقررت أن اخلق الأصوات، أصوات ترى.
عندما تصبح الأفكار التي تحكمها العواطف تتقافز من ذهنك، تجتمع الحروف وتتبعثر لتشكل بخوارزمياتها الخاصه كلماتك المسموعه، لتقف على الخط الفاصل بين العقل والجنون، بين الحقيقة والخيال، تقف محتم بحدودك، وتنظر بحذر وترقب على كافة العوالم الموجودة، بايمان متساوي وتشكيك متساوي، تحجب بيدك ضوء الواقع عندما يرفضك، لتستظل بقلم يهبك إستثنائية عالمك الخاص.
لا أعرف لماذا لا يمكن للمرء أن يكبر من دون أن يحدث كل هذا الضجيج بداخله، ولكن ما أعرفه هو أن هذا ما قادني للكتابة، كنت أبسط يدي، فأرى العالم كله يتحدث الي من خلالهما، فتتحفز أصابعي، وتبدأ بلارتجاف إلى أن تمسك بالقلم، فإذا بها شجرة شامخة أصلها ثابت مغروس على سفح الورقة، لتبدأ بزرع بذورها على أعالي السطور، فتمتد جذورها إلى أعماق الدفاتر العتيقة، آملة في يوم من الأيام أن تؤتي اؤكلها.
أكتب لأنني أعلم أن ليس هناك شيئا يحمل القيمة ويعبر عنها بقدر الكلمة، بكلمة واحدة يمكنك أن تفعل الكثير، أن تعزف بكلماتك على أوتار كل تلك الأرواح الواهنة، أن تضغط بحروفك على مراكز صمتهم المتحفزة، ترسم بقلمك لوحات أعمار من الإنتظار، لوحات من دون الوان،  أشعر أن الكتابة تجعلني أمارس كل ما لم أستطع فعله، الامس أطياف الأبداع بكل صوره بجرة من قلم، أرقص وأعزف، أرسم وانحت أفرح واحزن أموت واحيا وأحيي بالكلمات، أسكب احبارا تصب من روحي، وتسقر مباشرة على الورق لتخبرك أن أي صعوبة يمكنها أن تتحول لضباب، مجرد وهم ، عندما تريد رؤية ذاتك والإنصات إليها. 

تعليقات

المشاركات الشائعة