العودة إلى المدرسة (الجزء الثاني)
ولكن الأمر لم يتوقف عند ذلك ولعنه الطول تلك لم تقتصر فقط على ما يحدث في الفصل بل وأصبحت تلاحقني حتى في الطابور الصباحي، فقد تم اعتماد الترتيب الطولي ذاته في طابور الاصطفاف وهو ما لا يمكن أن يطاق ، وقوفك الأول في الطابور يعني أن الجميع سيحدق بك وأنك رغما عنك ستقفز وتصفق وتحرك يديك وقدميك كالأبله يوميا في حركات غريبه يسمونها تماريناً رياضية وبعدها ستجف حنجرتك لأنك يجب أن تغني النشيد الصباحي وإلا ستتهم بقله الوطنية أو الكسل أو سوء التأديب إذا ما رفضت أن تُنشد ذلك النشيد، وما هي أيام حتى فاض بي وقررت أنني سأتأخر ولن أحضر ذلك الطابور اللعين، لأدرك أن هناك مايسمى بطابور المتأخرين، وهم مجموعه من الطلاب العجائز المتململين ونصف النائمين، تفوح منهم رائحه كالخراف والأطفال منهم لا يدرون ما الأمر، أعتقد أنهم يظنون أن المكان مزدحم في الساحة الأمامية لذلك نحن نقف هنا، وفي النهاية وبعد دخول جميع الطلاب والمعلمات وحتى الفرقة الموسيقية، ولا يبقى في المكان غير مجموعة المتأخرين البائسة فيتم اجترارنا إلى الساحة الأمامية من قِبَل بعض المعلمات المناوبات ويكون لهن القرار في تحديد عقوبتنا التي غالبا ما تبدأ بالتوبيخ ثم تنظيف المدرسة وأخيراً إحضار دفتر التنبيهات وكتابة اسمائنا فيها وبطبيعة الحال يكون جميع الطلاب الذين قد وصلوا غرفهم الصفية متجمهرين على النوافذ لمشاهدة ذلك الحفل الصباحي اللعين، ومع كل ما كان يحدث في صف العجائز أعتقد أنه كان أفضل بكثير من الطابور المعتاد ، ولكنني كنت أبدع أحيانا في ابتكار طريقة للتاخر بحيث كنت أحتسب بالدقيقة الوقت الذي سينتهي فيه طابور المتأخرين وأصل قبله بدقيقة منتظر الفرصة للدخول دونما أن يشاهدني أحد وأدخل وادس نفسي بينهم متظاهر بأنني كنت معهم منذ بداية التوبيخ ثم أدخل معهم في ذيل قافلة السلاحف النائمة حتى أحياناً دون أن يكتبوا إسمي في دفتر التنبيهات ، كان ذلك ممتعاً أحيانا وكنت أعتبره مغامرة مسلية ماكانت لتحدث لو أنني أتيت مبكراً كمعظم الطلاب.
....يتبع
تعليقات
إرسال تعليق